الجزائر تستعرض تقريرها الدوري الشامل أمام "مجلس حقوق الإنسان"

في إطار دورته الـ52

الجزائر تستعرض تقريرها الدوري الشامل أمام "مجلس حقوق الإنسان"

بجملة من التحفظات والتوصيات، ناقش المجلس الأممي لحقوق الإنسان، تقرير الاستعراض الدوري الشامل لدولة الجزائر.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

واختار المجلس الأممي المجموعة الثلاثية لتيسير ‏الاستعراض المتعلق بدولة الجزائر، والتي ضمت إريتريا وباكستان والبرازيل.

وأحيلت ‏إلى الجزائر قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول، ومنها ألمانيا وأنجولا والبرتغال وبلجيكا وبنما وكندا وإسبانيا وسلوفينيا وبريطانيا وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة.

وترأس وزير العدل حافظ الأختام، وفد بلاده للرد على تلك التساؤلات والملاحظات الدولية، خلال ‏الاستعراض الدوري الشامل لتقرير الجزائر.

عملية الاستعراض

أشار وزير العدل الجزائري إلى أن تقرير بلاده المقدم في إطار الجولة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل يعكس الإنجازات التي تحققت منذ التقرير السابق المقدم في مايو 2017.

وأكد مجدداً التزام الدولة الجزائرية القوي بالعمل من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في كل مكان في العالم، بما في ذلك لصالح الشعوب المستعمرة أو الواقعة تحت السيطرة الأجنبية، مشيرا إلى مختلف الأحداث التي مرت بها الجزائر منذ الجولة السابقة للاستعراض الدوري الشامل، لا سيما الحركة الشعبية المسماة الحراك في فبراير 2019.

وكان الحراك بمثابة اختبار غير عادي من خلال الطابع السلمي لمظاهراته والتعبئة القوية لمكوناته ودوافعه التي تجاوزت الخلافات الحزبية والحساسيات النقابية والمصالح الشخصية.

وتناول وزير العدل الجزائري المشاورات الواسعة التي انطلقت في إطار رؤية تتمحور حول ترجمة مطالبات الحراك على مستوى مؤسسات الجمهورية وإدخال تغيير تدريجي من الداخل وكذلك الحفاظ على استمرارية الدولة ووحدتها الترابية واستقلالها واستقرارها.

وأتاحت هذه المشاورات اختيار نهج بعيد عن أي مغامرة سياسية لفترة انتقالية دون مُهلٍ محددة، مع إعطاء الأفضلية لعملية قادرة على إضفاء الشرعية الدستورية على المؤسسات من خلال السماح للمواطنين بالتعبير عن رغباتهم، وذلك بفضل عملية الانتخابات التي بدأت في ديسمبر 2019، وأدت إلى انتخاب عبدالمجيد تبون رئيساً للجمهورية.

وتؤمن الجزائر بالتعددية وتؤيد مبدأ عالمية حقوق الإنسان، وترفض أي فرض لنموذج فريد وموحد للتنظيم الاجتماعي أو السياسي أو رؤية أحادية الجانب قائمة على قيم أجنبية لا تعترف بالخصائص الفلسفية والحضارية والتاريخية والثقافية والدينية للدول.

ولا يجوز المساس باحترام الأديان السماوية ورموزها بحجة حرية التعبير، وذلك احتراما لمعتقدات الشعوب، ولا تتماشى الديمقراطية مع أي سلوك ينتهك كرامة الأشخاص مثلما لا يمكن أن تستند حرية الرأي أو التعبير أو التجمع إلى منطق التخريب أو الدعوة إلى العصيان أو حتى إلى الانفصال، كما لا تتماشى مع محاولات الالتفاف على العملية الانتخابية من أجل الوصول إلى السلطة عبر قنوات الدستورية، ولا ينبغي أن تكون حرية الرأي والتعبير أداة تخريب أو أداة لنشر العنف أو خطاب الكراهية اللذين يمكنهما تهديد النسيج الاجتماعي.

وأكد وزير العدل أنه لا توجد في الجزائر جرائم رأي وصحافة، ولا تطبق كذلك أي أحكام بالسجن بحق الصحفيين فيما يتعلق بممارسة مهنتهم، منتقداُ الاستغلال المفرط والمتعمد على شبكات التواصل الاجتماعي لحالات نادرة تتعلق بأفراد حوكموا على أساس القانون العام ولا علاقة لجرائمهم بحرية التعبير.

وذكر أنه لا جدوى من توقع استجابة معيارية منسقة في مواجهة هذا الشكل من الجريمة، مذكراً بمجالات الحريات التي تكفلها المجتمعات الديمقراطية ويستغلها الإرهابيون للترويج للتعصب وإقصاء الآخرين ورفض العيش السلمي المشترك، ويطور الإرهاب قدرته على البقاء ويستخدم أحياناً واجهة حقوق الإنسان كغطاء من خلال استغلال الأطر القانونية والسياسية والإعلامية وأحيانا النقابية، لا سيما على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل استخدام أدواتها لمهاجمة التنوع ومختلف شرائح المجتمع لتغذية الكراهية ضد المؤسسات والتحريض على العصيان المدني.

وفيما يتعلق بالحريات النقابية أشار إلى وضع قانون جديد يضمن ممارسة النشاط النقابي وإلى وجود 160 نقابة عمالية وتمارس حريات العبادة والدين المنصوص عليها في الدستور في إطار القانون ودون أي تمييز، وكفلت الدولة حمايتها من أي تأثير سياسي أو أيديولوجي وفقا للدستور، وتتوافق الأحكام التي تنظم ممارسة الإسلام والأديان الأخرى مع المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما أن الادعاءات المتعلقة بمنع أفراد معينين من ممارسة شعائرهم الدينية وتقييدهم ومقاضاتهم في هذا الشأن لا أساس لها من الصحة، لا سيما أن الأشخاص المعنيين ملاحقون في قضايا خاضعة للقانون العام.

تحفظات وتوصيات

وأدلى 122 وفداً ببيانات خلال جلسة التحاور ووردت عدة توصيات من عدة دول شاركت في جلسة الحوار وخلالها، ناقشت عدة مواضيع طرحها الوفد الجزائري، وكانت تتعلق حول المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، حيث تتفق هذه المادة تماماً مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة على الأقل في مسألتين هما الوسائل المستخدمة في العمل الإرهابي والغرض من العمل الإرهابي.

لكن عدم وجود إجماع دولي حول هذه القضية ترك للدول حريات تقدير هذا الموضوع، وقد جرمت هذه المادة بعض الأعمال التي تعتبر أعمالا إرهابية وعلى الرغم من ذلك، فإن القاضي الذي يتمتع بالاستقلالية التامة يدين أو يبرئ الشخص المعني عقب محاكمة عادلة مع ضمان حقه الكامل في الاستعانة بمحامٍ.

وفيما يتعلق بعقوبة الإعدام كانت الجزائر عام 1993 أول بلد في منطقتها يلتزم بوقف اختياري لهذه العقوبة، فهي في الواقع دولة مُلغية لعقوبة الإعدام بحكم الواقع، فقد خففت قرارات العفو الرئاسي أحكام الإعدام إلى أحكام بالسجن على جرائم معينة.

وشاركت الجزائر بحسن نية في آليات مجلس حقوق الإنسان وجرى التعامل بجدية وضمن المُهَل المحددة مع الرسائل القليلة الواردة، وقدمت إجابات مفصلة ومناسبة عليها ووجهت الجزائر دعوات لبعض الإجراءات الخاصة، لكن الزيارات لم تتم بسبب جائحة فيروس كورونا ومن المقرر أن تتم هذه الزيارات عامي 2023 و2024.

وأكد الوفد الجزائري أن بلاده عدلت أيضاً قانون العقوبات لتجريم جميع أشكال العنف سواء كانت جسدية أو جنسية أو معنوية أو لفظية أو اقتصادية، وعزز دستور عام 2020 حماية المرأة من جميع أشكال التمييز والعنف في المجال العام وكذلك في المجالين المهني والخاص، بما يضمن استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال وأنظمة الكفالة والمساعدة القانونية، واتخذ تدابير محددة بينها إنشاء المجلس الوطني للأسرة وقضايا المرأة وإنشاء هياكل استقبال على مستوى جميع ولايات البلد مكرسة للاستمتاع والتوجيه والدعم كي يستفيد جميع المواطنين من آليات الإدماج والتمكين الاجتماعيين والمهنيين ولإذكاء الوعي.

وتنتهج الجزائر سياسة شاملة متنوعة لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة وتحترم كرامتهم وتعزز إدماجهم في المجتمع، وترعى 238 مؤسسة جميع الأطفال ذوي الإعاقة مجاناً، ويتوفر لهم تعليم مناسب لاحتياجاتهم بالتعاون مع الأمم المتحدة، وواصلت الجزائر تعزيز دمج جميع الأطفال ذوي الإعاقة في نظام التعليم العام.

وأكد الوفد أن حظر الاتجار بالبشر منصوص عليه بوضوح في الفقرة الثالثة من المادة 39 من الدستور ويعاقب عليه قانون العقوبات بشدة، ووضعت اللجنة الوطنية لمنع ومكافحة الاتجار بالبشر سياسة وطنية وخطة عمل للفترة من 2022 إلى 2024 ركزت على إذكاء الوعي وبناء قدرات المعنيين، بما في ذلك القضاء والأطباء والصحفيون وضباط الشرطة القضائية ومفتشو العمل.

يأتي ذلك بالإضافة إلى النظر حالياً في مشروع قانون بشأن منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص قبل تقديمه إلى البرلمان، وتتعاون الجزائر أيضاً في هذا المجال مع شركاء دوليين بينهم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

وأكد الوفد الجزائري أن بلاده ستدرس التوصيات التي تقدمت بها الدول المشاركة في جلسة الحوار والتي دارت أغلبها حول التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وكذلك البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، إضافة إلى التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية مناهضة التعذيب ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وتبذل الحكومة الجهود لضمان الإدماج الكامل لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في التشريعات المحلية ومحاولة سحب تحفظات الدولة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بها والتصديق على اتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية